ما بين فكري و جسدي..

لا اكاد اتذكر اي شيء عن حياتي. لا اتذكر ان احببت يوما ، ان امتلكت اياً من تلك المشاعر المتضاربة التي تسقي القلوب و لا تروي عطشها. كل شيء فيما مضى انمحى .. بدون ان يعطي اي انذار مسبق بالتلاشي.. فقط كان موجود ذات امس و اليوم .. انمحى !!

متعبة .. طريحة الفراش، اتهالك في أخذ انفاسي، وحيدة . ليس لأني لا املك احد.. فأنا استطيع بمجرد مكالمة تليفونية ان اجد الكثير من اقاربي حولي بكوب الحساء الدافيء و الروح العائلية التي كانت ذات يوم اكُر من كافية لشفاء احزاني . و لكني الان فقط .. سئمت من كل ما هو بشري . سئمت من كل ما يمت للآدمية بصلة.

لم اكن اظن اني في يوم سأهلك نفسي الى درجة اني اود لو اقوم للصلاة و لا اقدر. مجرد مكوثي في الفراش يريح افكاري المتهالكة!! .. لا اظن ان افكاري تتلاشى بسبب مرضى.. بل اظنه العكس تماما.. اظن ان مشاعري المتمردة هي التي اسقطت جسدي طريح الفراش .. لا يقوى على شيء سوى الرثاء لحاله و الخضوع للحمى التي افتعلتها افكاري العبثية.

ظننتني لا اعلم لم سئمتني افكاري لدرجة انها اعلنت الحرب على جسدي الهزيل. كنت و لسذاجتي اظننا في ذات الفريق !! و لكن و ياللعجب ، حتى نفسي سئمت مني .. من تمردي و ادعائي الدائم بأني لا أحتاج احدا قربي.. سئمت الاستقلالية التي تملكتني الى درجة اني ارفض الاذعان الى اي يد عون تمتد نحوي. سئمت محاولاتي المستميتة في ان لا اترك نفسي للضعف ، ان لا امد يدي انا نحوه و اقول له بكل بساطة.. احتاجك قربي !!!

ليست كل الامراض فيروسية كما يظن البعض. ففي بعض الحالات المستعصية جدا كحالتي هنا ، قد يصاب المرء بالحمى فقط بسبب مقاومة المشاعر . و هنا تكون الخدعة ، ان تعلم تيقنا انك قد تشفى تماما و تعود جديدا سليما معافى كما البداية او احسن فقط ان اعترفت !!! و لكنك من داخلك قيدت كل تلك المشاعر محاولا تفادي واقعا أمر من الحلم الذي تطالبك به نفسك .. فتبقى افكارك تصارع جسدك و تظل طريح الفراش بلا امل !!

اعلم ان كلماتي قد لا تعني الكثير لأي احد سواي، قد لا تكون عاقلة او حتى منطقية .. و لكني فقط قررت ان ارمي بالمنطقية عرض الحائط . لأن كل شيء يحوم حولك يفتقر لأي منطق قد عرفه الانسان . كل ما اعلمه الان اني لا ازال اقاوم الحمى التي تهذي باسمك في قلبي .. و لن يهدأ لي بال حتى انتصر على كل افكاري التي لا تزال تنتزعني و ترميني اليك..

الى ان ترتحل عني اطيافك .. سأظل هنا مقاومة حتى النهاية . و في النهاية واحد فقط من سينتصر . فإما ان ينتصر جسدي و اقتل بذلك حاضرك الذي يهدد مستقبلي.. و اما ان تنتصر امانيّ و افكاري و يموت جسدي و لا ابقى لأخبرك .. اني احببتك !!