الجمعة، 22 أبريل 2011

لمداواة قلب جريح...

مرسلة بواسطة TheSecretLifeOfNehal في 4:42 م

مضى زمن كبير لم اشعر فيه بمثل هذه الرغبة العارمة لكتابة شيء مهم لي. كل كتاباتي السابقة او حتى معظمها كانت مجرد رغبة مني لاثبت لنفسي او لغيري اني لا ازال املك الموهبة. او لتحوز كلماتي على اعجاب من حولي فيملأني الفخر الذي لا اجده في مجالات الحياة الاخرى. فقد اعتدت ان يكون قلمي في ناظري دوما بلا منازع رقم واحد. اما الان، فأنا لا اكتب لتحوز كلماتي على اعجاب من حولي... لا اكتب لكي ابكي الاطلال، لا اكتب حتى اثبت لنفسي اني لا ازال بارعة... بل اكتب لأني لأول مرة منذ زمن بعيد جدا ... اجد الشغف لأجعل قلمي يصب كل ما بقلبي على الورق.

اعلم انه احيانا حينما تتخلى عن جزء كبير منك لترضي من حولك قد تخسره الى الابد. و انا كنت مخطئة حينما سمحت لنفسي بالتخلي عن كل من حولي لأُجَمّل من نفسي في عيني. جزء كبير مني كان في محاولاتي الدائمة و المتكررة في إصلاح كل شيء. لم اكن اتقبل الفشل في رؤيتي لشيء مكسور الى الابد. كانت لدي القدرة على ان اصلح كل شيء من اول الصاق الاكواب المتشققة الى اصلاح قلوب من حولي. كنت ارى جيدا جدا من خارج دائرة اي احد يقوم باستشارتي ... و تطورت هذه الخصلة بسرعة جدا في داخلي فصرت اقرب الى شفيعة للقلوب المحطمة.. امضي بينها اشفي كل ذي ماضٍ أليم او حب منكسر، الى ان تعرضت لأول صدمة حقيقية في حياتي ... الى ان شعرت بآلآم قلبي و هو يتحطم امام ناظري شيئا فشيئا و انا لا املك الا النظر اليه مشفقة لحاله... و لم استطع مساعدة نفسي !!!

كنت ساعتها ساذجة جدا، اردت ان افعل اي شيء لأمحي الألم. و كلما بائت محاولاتي في اصلاح قلبي بالفشل كلما ترسخ في ذهني اني لا املك ما يتطلبه الامر في اصلاح اي شيء، و إنما كنت موهومة !! و مرت ايامي كالمعتاد... لم يكن الوقت كفيل باصلاح قلبي ، بل كان بالأحرى كفيل بجعل المشاعر تتسلل خارجا من جسدي شيئا فشيئا الى ان استيقظت ذات صباح لأجد اني تخليت عن مشاعري كلها و بالكامل !!

كان اختياري في التخلي عن مشاعري قاسٍ جدا، و لكنه كان الاختيار الأكثر آمنا. كنت احيا للاستمتاع بوقتي فقط. اركض و ألهو دون النظر الى عواقب الامور. كانت فترة سهلة ... و سريعة. و لكنها ابدا لم تكن ترضيني، و الفخ الذي وقعت به هو انني عندما لم احسب حساب العواقب لم اكن ادري ابدا ان عاقبتي هي انني أوهم نفسي بأني تقبلت ذاتي بهذا الشكل الأنوي البحت... و انني حينما اعلم انني لم اكن راضية عن نفسي بهذا الشكل سينفجر كل الماضي في وجهي دفعة واحدة، و عندها لن املك السيطرة على سَيْرِ حياتي مرة اخرى.

و مضيت أنكر عدم تقبلي لحالي الى ان انفجرت كل كذباتي في وجهي. كنت ممسكة بزمام نفسي جيدا الى ان عاد قلبي ليخفق من جديد... لم اعمل ابدا حساب هذا اليوم ، كنت اظنه توقف عن الخفقان منذ امد بعيد. و لكنه عاد... و عادت معه بعض اشيائي... عادت معه بعض آمالي و أمَانِيَّ المُنْكَسِرَة و عادت تنبض فِيَّ الرُوحُ مرة واحدة و تؤلمني لشدة ما بدأت اشعر بكل الجروح المترامية على جسدي. كانت موجودة، فقط كنت متبلدة جدا فلم الحظ وجودها من قبل حتى بدأت في التزايد، و بدأت في التعمق تحت خطوط جسدي المرهق و انا لا اشعر بها حتى عادت الحياة تدب فيّ من جديد... و دفعه واحدة كلها هاجمتني.

صرت اتألم و انا اشد غرز اخر خيط في قلبي. استطعت ان اصلحه بعد كل شيء. و عاد ينبض كقلب وليد... و مع كل نبضه يفاجئني بمدى الانسانية و الافلاطونية التي كنت هجرتها ... ما زالت تقبع في ركن بعيد دافيء، كان يأمل بأن ينكفي عنه الجليد و ها هو ذا... ينبض مرة اخرى بكل تلك المشاعر التي تسللت بعيدا عني.ربما كان هناك صوت خفيض في داخلي يعلم اني استطيع اصلاحه وحدي... حتى و ان تطلب مني ان اضحي به من اجل حب جديد.

ربما يظن البعض ان هذا هو الهذي بعينه، لأني آمنت بانه لا يحق لأحد ان يمنع قلبه عن الحب. اشعر و كأنه عهد قديم في دستور الحياة. بان كل قلب وُلِدَ ليعشق و ينبض بالحب. و كل قلب جريح سيبعث له قلب يشد من آزره اياما و يعيده مرة اخرى كزورق صغير في بحر عميق ليركب امواجه. الحب ليس كما يظن الكثيرون... ان تحب قلب في مقابل ان يهبك حبه الى الابد. بل الحب الحقيقي ان تملك الايمان و الدافع القوي ان تهب كل مشاعرك لشخص بلا كلل او ملل... بلا انتظار اي شيء في المقابل، و لا حتى كلمة تقدير. حينما تصل الى هذه الدرجة من الحب... فلن يتحطم قلبك ابدا، لأن الحب حاميك فلن ترى حزنك الضئيل امام السعادة المطلقة التي وهبتها لشخص اخر، سعادة ذلك الذي وهبته قلبك ستطغى عليك لتحيا فقط على ضَيّ ابتسامته.

ينكر الكثيرين وجود شيء مثل الحب الافلاطوني لأنه صعب جدا و يحتاج الى قدرة كبيرة من التحمل و إنكار الذات. مما جعل الكثير من الناس لا يملكون إلا انكاره لأنهم ظنوا انه يقلل من شأن اي حب اخر بجواره. هذا لأن معظم من يقع في الحب يكون بغرض ان يجد من يبادله الشعور، او بالبحث عن الاهتمام المقابل. و هذا ليس شيئا سيئاً او انويا... هو فقط ينتظر المقابل و يقع في دائرة الكبرياء او التكبر لأنه دوما في بحث عن مقابل لكل شيء و قد يهان من عدم المبالاة او اذا شعر بالتقليل او عدم المساواة بين ما يفعله من اجل من يحب و ما يفعله من يحب من اجله. هذا شعور بشري طبيعي و منطقي... فكلنا نبحث دوما عن نصفنا الآخر الذي يكمل وجودنا في الحياة. قليلون هم فقط من يبحث عن ذلك الذي يستمدون منه القوه في سعيهم في الدنيا دون ان ينتظروا اي شيء ، قليلون هم من يهبون حياتهم بكل رضى لإسعاد من حولهم. قليلون من يجدون السعادة في إصلاح قلوب الناس. قليلون هم من يداوون الجراح.

قد يظن البعض ان مداواة القلب المنكسر تقتصر على انتهاء علاقة حب. هذا خاطيء، لمعظم الناس القلب اداة شديدة الحساسية. قد يظن البعض انهم محصنين ضد الحب و محصنين من التعرض لتحطيم قلوبهم ... و لكن هذا فقط لأنهم لم يجدوا الند المناسب. كل القلوب شديدة الحساسية و لو امام شخص واحد فقط !! و ليس فقط في علاقات الحب، بل انها تشمل كل انواع العلاقات مثل الاسرية و الصداقة. بل ان اصعب جروح القلب هي التي تكون جراء علاقة متذبذبة بين صديقيين او افراد اسرة واحدة. هذا لأنها اخر علاقة قد يظن المرء انها قد تهدم او تزلزل لظنه بأنها من النوع الذي لا يخشى عليه. فتكون صدمتها دوما أهول بعشرات الاضعاف.

لتشفي قلب جريح انت في حاجة اولا الى ان تعيد ثقته المهزوزة في قوته الداخلية اليه. لأن الثقة هي اول عامل مهدد في اي حالة انفصال او صدمة. تكون هي معظم الوقت الشغل الشاغل لكل من شعر بآلام الفراق... و اهم شيء لاستعادة تلك الثقة هي في الوصول الى التوازن. هذا لأن اي شيء يشغل تفكيرك يملك مفتاح السيطرة على حياتك !!... حينما تترك نفسك للتساؤل : "ماذا كان خطأي؟ هل قَصّرت في شيء تجاهه؟ هل بسبب مظهري؟ هل بسبب شخصيتي ؟ .. هل هل هل ..." تتراكم الاسئلة لتبعدك عن مسار حياتك الطبيعي فيما يمضي الطرف الآخر مكملا في طريقه دونما ان ينظر الى الوراء... دونما ان يقف للحظة لينظر ما هو حالك؟ .. فهل هذا ما تستحقه ؟..

ينسى الكثيرون انفسهم في حالة واحدة و يظنون انهم بخير... لتصلح قلبك ، او لتشفي جراح قلب اخر يجب ان تحقق التوازن في حياتك، يجب ان تجتاز عقبة ان تفكيرك منحصر في اشياء محدودة و ان تصل الى منظور "انك كامل كما خلقك الله" ... و ان اي شخص لا يتقبلك كما انت ، بعيوبك قبل مميزاتك... فانت لن تندم للحظة عليه !!... عليك ان تصل للتقبل و لتصل له عليك ان تمر باربع مراحل "الانكار : و هي دائما اصعب خطوة في اجتيازها.. قد يحتاج البعض الى سنين ليتوقفوا عن ايهام انفسهم بانه لا توجد مشكلة ، و يظلون يدعون بأن كل شيء على مايرام ، فقط لأن كرامتهم لن تسمح لهم بالاعتراف امام انفسهم بانهم تعرضوا للتحطيم امام احدهم..."

"ثاني مرحلة هي الغضب: عادة تكون بشلال متدفق من التمرد على الاعراف و القوانين، محاولة لغصب التغير على المنظور

الخارجي قبل الداخلي، محاولة لأظهار القوة في مضمون ضعيف... حيث يحاول الشخص ان يهز صورة قلبه المنكسر الضعيف من عينيه بالتمسك بالغضب... عندما تجد الشخص الذي تحاول مساعدته في هذه المرحلة من المهم جدا ان لا تجزع !!... فهذه خطوة طبيعية جدا و لازمة للوصول الى التقبل.. فقط اعطه فسحته ليخطيء و يتعلم من اخطائه و يفرغ غضبه الداخلي حتى لا يكبت الباقي من مشاعره المتدفقة جراء صدمته...و حينما ينتهي و يستعد لتقبل رأيك فانت ستكون هناك من اجله. كلنا نتعلم من الخطأ، المهم ان نجد من يوجهنا حينما نفقد الاحساس بالاتجاهات بعد ان نتعثر."

"ثالث مرحلة يمر بها هي المقايضة: و هي بداية الانحدار الى التفكير السلبي... حيث يوقن ان الغضب و التمرد و كل التغييرات الجزرية التي يقوم بها هي شيء سخيف و لن يعيد اي شيء، و يحن الى الماضي.. قد يدفع به تفكيره الى انه قد يتخلى عن كرامته ليعود الى ذلك الشخص الذي اهانه فقط لأنه يشتاق السعادة التي كان يحياها معه ..."

"اخر مرحلة قبل الوصول الى التقبل هي الاكتآب !!... و هذه هي المرحلة التي يحتاج فيها الي اصدقاءه بشكل كبير. على قدر ما قد يظن الكثيرون ان هذه المرحلة تافهة جدا و لكنها على قدر كبير من الاهمية لأنها تكون الوصول الى الحضيض قبل ان يبدأ في الصعود الى القمة شيئا فشيئاً. في هذه المرحلة يجب ان تكون الكتف الذي يستطيع ان يلين عليه ذلك القلب المحطم. ان تستمع له... و بكل عزيمتك يجب ان تحاول مهما كانت مثابراته بالنظر فقط الى الجانب السلبي، ان تجعله يرى النصف المملوء من الكأس، و تلفت نظره دوما الى محاسنه... و ان تجعله يتفهم انه شيء جوهري ان يتميز كلا منا بعيوبه الصغيرة، و انه لا يوجد احد كامل... و ان الفكرة الاساسية ليس ان تجد الشخص المشابه لك تماما فتمل منه مع الوقت و لا الشخص المختلف عنك تماما فتنجذبا لاختلفاتكما و لكن لا تتفقان على اي شيء، و لكن ان تعثر على هذا الذي يتطابق معك كقطع المكعبات... مميزاته تتوافق مع عيوبك و عيوبه تتوافق مع مميزاتك ..."

"بعد المراحل السابقة لا يتم شفاء القلب كليا... قد تصل الى مرحلة التقبل و لكن يجب مراعاة ان هذه المراحل الاربع قد تمر في ظل اسبوع لبضع اشخاص و قد تمر في ظل سنين لاشخاص اخرين... الفكرة دائما في ان الوقت هو الحل القادر على الصاق كل تلك الشظرات المترامية لقلبٍ منكسر، قد يحاول البعض الصاق القطع المتناثرة هنا و هناك بالإنكار ظنا منه انه اذا لم يعترف بالمشكلة اذا فهي غير موجودة ، و هذا خاطيْ تماما.. المشكلة دائما موجودة..فقط لأنك لا تستطيع رؤيتها هذا لا يعني انها لا تتراكم و تتناثر شظياها في كل مكان لتدميك و تنفجر في وجهك في المستقبل !! و قد يحاول آخرون ان يخيطون جراحهم عنوة... يملأون انفسهم بالغضب و بالكره و بالبحث عن مخرج يلومون فيه احدهم بانه سبب لتعاستهم ظنا منهم ان هذا طريق مختصر بداخل الالم، و لكن هم فقط يحاربون انفسهم و يبعدون كل البعد عن الصفاء النفسي الذي يحتاجون للعثور على التوازن في حياتهم و الوقوف مرة اخرى على اقدامهم بثقة و بدون احتياج للاستناد على اي احدٍ أياَ كان... فكما قلت الوقت لتقبل كل تلك المراحل هو الحل للعثور على كل تلك القطع الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة و المترامية بعيدا عن متناول اليد، و لكنه لا يزيل منظر الجرح الغائر تماما !!.. فالذي يظن ان الخروج من علاقة شغف قد يزيله الوقت تماما هو انسان ساذج.. الوقت كافل بإزالتها.. و لكنه ليس جراح تجميل قادر على إخفاء آثار الجرح المندثر..

المرحلة الخامسة هي التقبل.. يبدأ القلب في الالتآم ... و تبدأ الروح في التصافي و في اختيار طريقها من جديد.. و لكن الخدعه التي لا يعلمها الكثيرون ان التقبل ليس آخر خطوة ... فتقبل مصيرك و رغبتك فقط في المضى الى الامام لا تعني انك وجدت التوازن في حياتك ... و لكن هذا موضوع آخر سآناقشه معكم في مرة مقبلة بإذن الله..."

...يتبع


0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

Qosasat men 7iaty Copyright © 2010 Designed by Ipietoon Blogger Template Sponsored by Online Shop Vector by Artshare